الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث أسبوع الدموع بـ«شوّاط»: البئر والحافلة والسيارة المجنونة تقصف أعمار 3 أطفال

نشر في  21 ماي 2014  (11:49)

 حيرة.. ألم وحزن مشاعر ألقت بظلالها في نفوس كلّ سكّان منطقة شواط الفلاحية من معتمدية الجديدة ولاية منوبة. الفاجعة كانت مدوية والصدمة اهتزّ لها الجميع بعد فقدان ثلاث زهرات من خيرة أبناء المنطقة في ظروف مؤلمة جدا.
وقد انتقلنا على عين المكان  من حي الشريفة مرورا بحي الطيب المهيري وصولا الى قرية شواط وكانت مراحل رحلة البحث عن حقيقة وملابسات موت الأطفال.

ورغم مرور ثلاثة أيام عن رحيل الطفل جاسر فانّ ذكراه لن تمحى من مخيلة والده الطاهر وأمّه راية التي انهمرت دموعها بغزارة وهي تعود بالذاكرة الى تلك الليلة  التي ستبقى راسخة لديها.
 ساعة بلوغها خبر الحادث انهارت كليا وتحولت الى المكان بسرعة وكأن قلبها أوحى لها ان تلك اللحظات ستكون الأخيرة ولن تراه بعد ذلك.. وعن ظروف الحادث ذكر لنا والده الطاهر قائلا: «تلك الليلة صادفت اجراء مقابلة في كرة القدم لفريقه المفضّل ريال مدريد فاستأذن مني الذهاب لمقهى الحي لمتابعة المقابلة لم أمانع، وعند نهايتها وحسب ما ذكره شهود عيان قفل عائدا نحو المنزل  فطلب منه أحد أصدقائه الانتظار قليلا لنقله على متن دراجته النارية، ثمّ توجه صديقه لخلاص ما احتساه من مشروبات في الأثناء اتجه ابني لسحب الدراجة من المأوى الموجود بالقرب من المقهى والمحاذي للطريق الرابطة بين تونس وماطر..
صورة الحادث
ويواصل محدّثنا سرد ملابسات الحادث القاتل قائلا:«في تلك اللحظة كانت سيارة آتية من ماطر في اتجاه تونس يقودها شيخ يناهز عمره 78 سنة ويشتكي من ضعف في الرؤية والسمع ودون أن ينتبه إلى وجود جاسر بجانب الطريق صدمه بكل قوة وأسقطه أرضا وأفقده وعيه متأثرا  بالإصابات البليغة التي لحقته، كانت الساعة تشير الى العاشرة وعشر دقائق ليلا عندما حصل الحادث بعد ان تمّ جرّه لمسافة 20 متر تمّ نقله على جناح السرعة الى مستشفى الرابطة حيث خضع لعدة تدخلات طبية بقي خلالها يصارع الموت الى ان لبّى داعي ربّه بعد أربعة أيام من تعرّضه الى ذلك الحادث.
نسيانك صعب يا جاسر
كانت أمّه تغالب الدمع وتبحث عن ضياء افتقدته كان ينير ايامها ولياليها:«انه ابني الوحيد الذي رزقني الله به كان كل شيء في حياتي الى الآن لم أصدق كيف اختطف مني لن تعوض لي كل الأموال فلذة كبدي، لذا اتمسك بتتبع السائق الذي قارب سنه 80 ويشكو من عدة عوائق صحّية، فيما تساءل الأب الطاهر عن قيمة التعويض المالي المخصّص لهم مشددا على وجوب سن قانون يمنع السياقة ليلا لمن تجاوز سنّ الستين».
سامي دهسته الحافلة فحوّلته الى أشلاء
الصورة كانت أكثر من مفزعة واقترنت ببكاء وعويل زملاء الدراسة، جسد يافع لتلميذ يبلغ من العمر 15 ربيعا تحوّل الى أشلاء تحت عجلات حافلة عمومية (16D)، الوفاة كانت على عين المكان والمأساة ألقت بظلالها على كامل أرجاء منطقة الشريفية احدى ضواحي بلدة شواط، وساعة تنقلنا الى منزل الفقيد لا يزال صدى الحادث القاتل محور حديث كلّ من التقيناهم بالمقهى أو في الطريق، سامي الجلاصي كان متفوّقا في دراسته وقد بكاه الجميع.
تهور وقلة انتباه
لطفي والد المرحوم سامي مازال متأثّرا جدا برحيل فلذة كبده والابن الوحيد له الى جانب شقيقاته عبير وسمر لذلك كانت له مكانة خاصة لديه، ورغم المخلّفات النفسية العميقة التي تركها رحيله بتلك الصورة الشنيعة فانّه تحدث الينا قائلا:«كانت الساعة تشير الى حوالي العاشرة والربع عندما غادر ابني المدرسة، في طريق العودة الى المنزل بقي بانتظار الحافلة وحين وصولها تعمّد سائقها انزال بعض الركاب بعيدا عن المحطّة «مركز حشاد» التي كانت تعجّ بالتلاميذ الذين تعمد البعض منهم اعتراض الحافلة لاجبار السائق على الوقوف وهو ما تمّ فعلا حيث توقفت الحافلة مع الابقاء على بابها الخلفي والأمامي مغلقين في حين فتح الباب الأوسط للتلاميذ الذين اندفعوا نحو الصعود.
تفاصيل تراجيديّة
لحظتها أمسك سامي بعمود حديدي ليصعد لكن في الأثناء شاهد امرأة تحمل رضيعا تجد صعوبة في الصعود فساعدها في ذلك مع العلم ان السائق ترك الباب مفتوحا وغلقه لينطلق بعد ذلك بسرعة وهو ما أفقد سامي توازنه ليسقط جسده على الأرض وتدهسه عجلات الحافلة وفي لحظة تحوّل جسده الى أشلاء  وكست الدماء النازفة منه المكان ليفارق الحياة في الحين.
غاب نوره عن عيني
والدة سامي لم تصدق الى حدّ الآن انّ ابنها الوحيد سامي قد غادرها دون رجعة وهي تحمّل كامل المسؤولية لشركة النقل ومسؤوليها الذين وقفوا سدا منيعا أمام تخصيص حافلة خاصة لنقل التلاميذ مؤكدة ان مثل هذا الحادث سيتكرّر مرة أخرى طالما لم يقع معالجة هذا الموضوع بكل جدّية.
نداء عاجل
نداء عاجل يوجهه الأب لطفي الى الذي استحوذ على جهاز الهاتف الجوّال لابنه المرحوم سامي طالبا منه تمكينه من الصور الخاصة به والابقاء على الجهاز، فمن يرأف بحال هذا الأب ويلبّي له رغبته؟
رائد ذهب للعدو فسقط في البئر
غادر الطفل رائد البالغ من العمر 15 سنة مساء السبت الفارط منزله برفقة ثلاثة من أصدقائه للقيام بالعدو لمسافة ثلاثة كلم على جانب الطريق المؤدية  إلى طبربة وعند الانتهاء من ذلك أراد رائد غسل أطرافه فتوجه نحو مجمّع للمياه على ملك الدولة لكنّه غير مسيّج وعند وصوله الى هناك فقد توازنه ليسقط داخله دون ان يتمكّن من الصعود، وببلوغ نبأ الجميع تمّ الاتصال بأعوان الحماية المدنية الذين حضروا على عين المكان وتمكنوا بصعوبة كبيرة من انتشال جثّة رائد.. وقد خلف رحيله وجعا كبيرا لدى عائلته التي لم نتمكن من التحاور معهم نظرا لوجودهم بمدينة جرزونة.
رحم الله جاسر وسامي ورائد ورزق أهلهم وذويهم جميل الصبروالسلوان.

خميس اليزيدي